وقفات

الوقفة الأولى مع فضائل هذا الشهر العظيم الكريم:

رمضان شهر خير وبركات.

رمضان شهر تسامح وصفاء.

رمضان شهر العطاء والأجور العظيمة.

رمضان أجر صيامه من خالق عطاءه غير محدود.

فماذا عسانا فيه فاعلون؟

سوف أختصر حديثي عن فئة قليلة بإذن الله، وأتمنى ألاَ تزيد أعدادهم.. وعسى أن يستفيدوا من فضائل شهرهم هذا، هذه الفئة كانت سببًا في رفع قطر السماء ومفسدة في الأرض، وزعمت بأن لها الحرية المطلقة في تعاملها مع الآخرين، وصنعت فجوة كبيرة في العلاقات الاجتماعية، هذه الفئة ملعونة في كتاب الله تعالى، ودمرت الأسر وفرقت الجمع، تعالوا ننتقل إلى تعريفهم وماذا قيل عنهم باختصار :

أولا: هذه الفئة موجودة بيننا نجالسهم ونحادثهم ونصاحبهم ونسافر معهم دون أن نقدم لهم النصيحة وكان الأولى بنا أن نبتعد عنهم حتى لا يشعرون بأننا مؤيدون لهم في هذا العمل فسكوتنا زاد في غيهم.

ثانيا: لا تصاحب قاطع رحم مهما كان قدره .

 لقد أوصى زين العابدين علي بن الحسين ابنه رضي الله عنهم أجمعين فقال له: (لا تصاحب قاطع رحم؛ فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله في ثلاثة مواضع)، وقاطع الرحم من الملعونين في القرآن المبين الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم، والدليل على ذلك في الآيات الكريمة، قال تعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) سورة محمد، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ سورة الرعد:25

وقاطع الرحم من الفاسقين والخاسرين الذين أضلهم الله بسبب قطعهم الأرحام كما ورد في القرآن المبين، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26)الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) ﴾ سورة البقرة: 26-27

تأملها معي: قطع الرّحم يُعتبر ـ بإجماع علماء الأخلاق واتفاقهم ـ من المعاصي العظيمة والكبائر، وهو مما يستجلب عذاب الأخرة والبلاء الدنيوي. ولا تصل عقوبة أيّ عمل إلى الانسان، بأسرع من عقوبة قطع الرحم.

قاطع الرحم تعجل له العقوبة في الدنيا ولعذاب الأخرة أشد وأبقى: عن أبي بكر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.

قطيعة الأرحام : سبب في المنع من دخول الجنة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يدخل الجنة قاطع رحم» رواه الترمذي.

قطعها قطع للوصل مع الله: عن عائشة رضي الله عنه قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الرحم معلقة بالعرش تقول:  من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله» رواه البخاري ومسلم وهذا لفظه.

قاطع الرحم لا يرفع له عمل ولا يقبله الله: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « إن أعمال بني آدم تعرض على الله تبارك وتعالى عشية كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم» رواه أحمد ورجاله ثقات وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب. 

* وأخيرا بعد هذا الاستعراض نطرح سؤالا لكل من ابتلي بارتكاب هذه الكبيرة، تعال لترى من أنت عند خالقك:

  1. أنت ملعون .
  2. أنت مطرود من رحمة الله .
  3. أنت لا يرفع لك عملا ولا يقبل منك عملا.
  4. أنت من المفسدين في الأرض .
  5. أنت من الفاسقين .
  6. أنت من الخاسرين.
  7. أنت تلعنك الدواب وتدعو عليك لأنك كنت سببا في رفع القطر من السماء.
  8. أنت لا تدخل الجنة.
  9. لك عقوبة سريعة في الدنيا.

أخي القاطع بعد هذا الاستعراض السريع والمعلومات المؤكدة من خالقك ونبيك نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام،

هل من مراجعة ووقفة صادقة مع هذه النفس الأمارة بالسوء والتي كانت هي وابليس كانتا السبب فيما أنت فيه من بعد ومقاطعة، ولتعلم بأننا من هذه الدنيا راحلون وفي عرصات القيامة متسائلون فهل نعي حقيقة هذا الموقف؟

*    وأخيرا تأمل ما يلي :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه )  رواه البخاري

صلة الرحم لا تزيد كمية الرزق ولا في مدة العمر من حيث هو لأن الأرزاق مقسومة والآجال مضروبة كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها تزيد في بركة هذا وذاك فيكثر خير الرزق ويعظم نفعه كما يكثر العمل الصالح ويوفق الإنسان إليه بما يتسبب فيه أثناء زيارته لذوي رحمه ولا سيما إذا كان من الصالحين الذين يقتدى بهم فإنه يؤثر فيهم بصلاحه فيكون له مثل أجورهم لأنه تسبب فيها وقد قال صلى الله عليه وسلم:    ( من أعان على خير فله مثل أجر فاعله)   رواه مسلم، فيكون عمره بذلك مباركا لكثرة ثوابه عند الله تعالى..

فيا عباد الله يا من آمنوا بالله ورسوله انظروا حالكم في أقاربكم:

هل قمتم بما يجب لهم عليكم من صلة؟

هل ألنتم لهم الجانب؟ هل أطلقتم الوجوه لهم؟

هل شرحتم الصدور عند لقائهم؟

هل قمتم بما يجب لهم من محبة وتكريم واحترام؟

هل زرتموهم في صحتهم توددا؟                                                 

هل عدتموهم في مرضهم احتفاء وسؤالا؟

هل بذلتم ما يجب بذله لهم من نفقة وسداد حاجة؟

أخي الكريم… أختي الكريمة: هيا استعذ بالله من الشيطان الرجيم ومن وساوس النفس واستفد من فضائل هذا الشهر الكريم وصل رحمك وأبق على الود، واحفظ العهد، وأنثر المحبة والسعادة والسلام، فَصلْ من قطعك وأَعْط من حرمك وأعفُ عمن ظلمك…

كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعًا

                   يرمى فيعطي أطيب الثمر

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “وقفات

عبدالله اللبدي

أحسنت وابدعت في مقالك جعله الله في ميزان حسناتك

حسين الهندي

جميل ماتم الكتابه عنه اخي لاننافي شهر فضيل ترفع فيه الاعمال لرب العباد يجب ان نتعض ونصصح الاخطاء منا لاننا بشر غير معصومين عن الخطاء احسنت في طرحك لهذا الموضوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *