شيخنا .. عاتق البلادي

مؤرخنا الشيخ عاتق بن غيث البلادي – رحمه الله – ، ليس ممن كان له زخم في حياته فقط بل حتى بعد مماته ، يكفيه شرفاً أنه ترك إرثاً علمياً كبيراً ينتفع به ، قد لاتجده عند أي بلداني آخر بتلك الصياغة والبيان ، وهذا الإرث العلمي هو خير ما يتركه المرء بعد رحيله.

شيخنا عاتق البلادي لم يكتب عن مواضع السيرة النبوية الشريفة أو أي موضع آخر بالحجاز وهو متكئ على أريكته , ولا سطر معالم أرض الحجاز وهو يتأرجح على كرسي مكتبه بل كان جواب القفار وجبالها, يسير مهامة الصحاري والسهول بلاتواني , تسبقه همته في كل حرة يرتقيها , ويتحدر عرق جبينه في كل واد ينحدر فيه  , ما همه تنائي الديار والحرار ودروبها , ولا ثنت عزيمته ثنية عسيرة الاجتياز ، غالباً لم يكتب إلا ما وقف عليه ورآه , ولم يصف إلا ما شاهده بأم عينيه ؛ وإن لم يسعفه ذلك زائراً , أسعفه سؤال الثقات والتثبت ناقلاً.

له منهجية علمية في تأليفه فلا يكتفي بالنقل ولا يقنع بالجمع بل يضيف لكل ذلك بالتحليل والنقد , يرجح بين الأقوال ويقابل بين الآراء فكان الصدق حليفه في غالب أقواله , والصواب رفيقه في معظم أحواله ، وقد تشرف مداد قلمه بتحديد الأماكن والأحداث التي وقعت عليها سواء في السيرة النبوية وتتبع الدروب التي مشى فيها الحبيب صلى الله عليه وسلم ، فأخرج لنا أسفاراً قل نظيرها ، ولازالت تتلى بين أهل العلم بالمواضع الحجازية .

لا يستطيع أحد أن يكتب في مواضع الحجاز إن لم يستشهد بما في مؤلفات البلادي , ومن هو القادر على الوقوف على أماكن السيرة النبوية إن لم يكن “معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية” بين عينيه , وهل في وسع أحد أن يتعرف مثلاً على معالم مكة التاريخية والأثرية دون أن يكون كتاب البلادي بين يديه.

حقيقة .. البلادي قامة خليصية مكية نادر في فنه .. أين إعلامنا الثقافي والأدبي عن هذا الرجل وعن إنتاجه العلمي ؟ ، ألا يجدر بنا أن نفاخر به الجغرافيين ونسابق به البلدانيين ولو فعلنا لكان لنا السبق عليهم .

أتمنى أن يخلد ذكره بمدرسة أو طريق أو جمعية جغرافية أو منتدى تاريخي يحمل اسمه لتعرفه الأجيال ، وليقوموا هؤلاء بخدمة تراثه العلمي بما يليق .

رحم الله أباغيث وأسكنه فسيح جناته.

 

عبدالحافظ القريقري ( ابن بذال )

مقالات سابقة للكاتب

5 تعليق على “شيخنا .. عاتق البلادي

متابع

صدقت وبوركت وأحسنت .
والله الواجب أن يؤلف عن هذا الشيخ المؤرخ كتابا ينشر فمن يقوم بهذه المهمة . وأويد فكرة الكاتب التي ورددت في آخر مقالته المسددة في تسمية أحد المدارس أو أحد قاعات البحث العلمي أو أحد الكراسي العلمية بالجامعات بأسمه . وهذا مقترح للجنة الثقافية بالمحافظة لتدعو من خلال سعادة المحافظ والذي لاشك أنه سوف يبارك مثل هذ العمل ويسعى لتحقيقه .
غفر للشيخ عاتق البلادي وأسكنه فسيح جناته وطيب الله ثراه في قبره كما طيب ذكره في الدنيا .

محمد عوض الله عوض العتيبي

الشيخ والعلامة / عاتق بن غيث البلادي
علم من اعلام المملكة العربية السعودية
وسيرته خالدة في الوطن باكمله
تشرفت بزيارته في منزله الكائن في حي ساحة إسلام بمكة المكرمة قبل نحو خمسة عشر عاما ووجدت في وجهه البشاشة والبشر وفي قلبه الصفاء والطهر وفي لسانه العلم والحكمة كانت هي الزيارة الأولى والاخيرة لهذا الشيخ الجليل وتبقى تفاصيلها في مخيلتي ما دمات بي الحياة فمثل الشيخ عاتق رحمه الله وتغمده بواسع رحمته فقده كل من عرفه

د. حمزة المغربي

أحسنتم أخي عبد الحافظ و أجدتكم و كلنا ذلك الرجل الذي يفخر بنتاج المؤرخ “علامة الحجاز” الشيخ عاتق البلادي الذي خلّف إرثاً نفيساً و علماً نافعاً و مرجعية شاملة في السيرة و الأثار و الأحداث التاريخية و التعريف بالمعالم الجغرافية في أرض الحجاز، و لقد كان لي الشرف بأن ضمّت قائمة الجمعية التأسيسية للجنة الثقافية بمحافظة خليص اسمي مع اسمه و لست أدانيه في علمه و همّته و شموخ قامته و جزالة عطائه بل أن أجاريه، و إنما هي رغبة في تعزيز هذا الجانب بين مجتمعنا و شبابنا و لتكون منطلقاً لنا جميعاً لنتابع مسيرة أمثال أولئك القوم و لنستحث الهمم بين أبنائنا لينهلوا من تراثنا المجيد و يضيفوا المزيد و الله نسأل أن يتغمّد “الشيخ عاتق برحماته و يجعل العلم الذي أورثه في ميزان حسناته و أن يسكنه أعلى جناته و أن يهيّء لنا من يهتم بنشر علمه النافع و أن يوفقنا جميعاً لطاعته و مرضاته

ابراهيم مهنا

من لايعرف لأهل العلم فضلهم ، ولايعرف لأهل الفضل إرثهم ، فلا تسل عن زمانه وهويته وثقافته .
شكرا لك أخي أبا ياسر – عضو اللجنة الثقافية بمحافظة خليص – على ماسطرت وذكرت ، ورحم الله علامة الحجاز الشيخ عاتق البلادي .

أحمد بن مهنا

حينما يكتب مثلك ياصاحب كتاب ( تهامة الحجاز) عن عاتق بن غيث فالمقال مختلف ..
ولعل اللحنة الثقافية تشكر إذ دفعت للكتابة كتّابا يكتبون عن ابن غيث ، ليحفزوا القراء ، وأعدت فعالية ثقافية خاصة به ، إظهارا لشخصية تعتز محافظة خليص به وبمثله..
هو تنشيط ثقافي فعلا بدأ ببداية تأسيس اللجنة ونما معها ، نظر له كل بعينه وعبر عنه بمداد تفكيره ( وكل إناء مما فيه نضح)
شكرا لك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *