النزاهة والمسؤولية الوطنية

يقول الله تعالى «إن خير من استأجرت القوي الأمين» فالخيرية هنا مرهونة بالأمانة، والنجاح وتحقيق المنفعة وإنجاز المهمة مرتبط بمبدأ الأمانة النابعة من استشعار المسلم أنه مراقب من الله في كل صغيرة وكبيرة، وهذا الاستشعار هو الضمير الحي الذي يوجِّه صاحبه ويراقبه في كل خطواته، بل في كل مجالات عمله وممارساته العامة والخاصة الظاهرة والباطنة.

ولم يأتِ ذلك من فراغ؛ بل إن الدين الإسلامي قد غرس في نفوس أتباعه هذا المبدأ، وزاد عليه أن بيَّن لهم حقيقة الفساد وأشكاله ومضامينه، يكفيه في ذلك أن الفساد يعد منهجًا منحرفًا متلوِّنا متفلتًا متسترًا محاطًا بالسرية والخوف، وقد يدخل في كل مجالات الحياة الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإدارية.

ويحدث نتيجة تواطؤ وتسهيل ممن ضعفت نفوسهم لارتكاب مخالفات ممنوعة، نتيجة سلوكيات خاطئة لتحقيق مآرب شخصية؛ استغلالًا لمهام وظيفية تكليفية مؤتمنين عليها مرتبطة بمصالح الآخرين، وكل ذلك مخالفة للأحكام الشرعية والقيم الأخلاقية والأنظمة الموضوعة لحفظ الحقوق.

فالفساد يجعل صاحبه يُقدِّم مصالحه الشخصية لتتحكم في قراراته وتضعف لديه الولاء الصادق للحق وللوطن مما يولد مشكلات خطيرة في مقدمتها ضياع الحقوق وبعثرة الثروات مما يعيق خطط التنمية وجهود التغيير نحو الأفضل.

ولا يخفى علينا أن الفساد له أشكال كثيرة ينبغي أن نتنبَّه لها بكل وعي؛ فمنها الرشوة والاختلاس، والتزوير والتلاعب بالأوراق والوثائق والمستندات، وعدم احترام ساعات العمل واستغلالها في أمور لا علاقة لها به، والتهرُّب من الأنظمة والتهاون في تطبيقها داخل المؤسسات واستخدام المال العام في غير شأنه والعبث بالمناقصات والمواصفات.

كل ذلك يعد فسادًا، وإذ نعلم جيدًا أن بلادنا تحكم قبضتها وتحاسب كل نوع من أنواع الفساد تطبيقًا لشرع الله وبكل شفافية وعدالة وإنصاف وعلى مرأى من العالم أجمع؛ فكان لزامًا علينا نحن أبناء هذه البلاد أن نكون العين المبصرة والقلب الذي يخاف الله ويعمل على غرس القيم ويطبقها ممارسة وأسلوب حياة ويحفظ الوقت ويتواصى بالحق ويعمل بصدق وأمانة ويقدِّم المصلحة العامة على الخاصة واستشعار المسؤولية أمام الله أولًا، ثم أمام قادة هذه البلاد المباركة.

فغالبًا لا يكون الخلل في الأنظمة والقوانين إنما في النفوس، ولذلك الفساد لا دين له ولا هوية؛ وإنما يحدث في كل المجتمعات، ولكي تكون عملية البناء صحيحة ومتكاملة وسليمة علينا أن نغرس في نفوس الجيل قيم النزاهة والأمانة والشفافية حتى نكون معول بناء وعونًا لبلادنا، وكل ذلك يصب في مصلحة الوطن والمواطن ويحقق لبلادنا تنمية مستدامة ينعم بها المواطنون على أرض هذه البلاد التي أعزها الله بالإسلام، وبقادة يعملون لمصلحة الوطن والمواطن.

أ. نويفعة الصحفي

مشرفة العلوم الشرعية بمكتب تعليم خليص 

مقالات سابقة للكاتب

10 تعليق على “النزاهة والمسؤولية الوطنية

ابوعاصم

شكرا كاتبتنا الكريمة :
وفي الأثر : إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن .
وقبل أيام أجريت تجربة على اشارتي مرور واحدة مراقبة بكاميرا ساهر والأخرى بدون مراقبة لمدة 15 دقيقة فقط فكانت النتيجة الإشارة التي ليس بها كاميرا ساهر تم قطعها 41 مرة !! والأخرى التي بها كاميرا ساهر لم تقطع ولا مرة !! متى ماغابت عين الرقيب فحدث ولاحرج .
وكما ذكرت أن الخلل ليس في الأنظمة والقوانين . وأقول أن الخلل في ضعف تطبيق القانون . فعندما يشعر المفسد بأنه سوف يكتشف أمره فلن يقدم على أي مخالفة .إن عاصفة الحزم التي هبت على المفسدين في بلادنا ننتظر أن تستمر حتى تقتلعه من جذوره . وننعم بالخير جميعا .
ختاماً بورك فيك وفي قلمك أختنا الكريمة .

أ.عبدالرحيم الصبحي

نثرتِ عقدًا من لألىء الكلام أستاذة نويفعة ولامستِ الجروح والهموم المشتركة ألا إن للفساد راية لا يحتمي به ولا يحملها إلا ضعيف نفس وضعيف الإيمان والذي يفسر غياب الضمير والعز كل العز في راية الصلاح والإيمان..

شكرا لكِ ولاهتمامك باستغلال هذه المناسبة اليوم العالمي لمحاربة الفساد

أحمد بن مهنا

جميل هذا الفكر وفصيح هذا القول !
الفساد فعلا مرض عضال ومنتشر سريع لمافيه من الإغراءات النفسية لمن مرض به !
وكما قالت الكاتبة شكر الله لها ماكتبت فالعلاج التربية ، والتربية إصلاح وإنبات ،والقدوة تعليم ، فلنكن جميعا قدوة للنشء ، وناشري صدق وإصلاح ، وقيم نزاهة .
وفقك الله يا أستاذة .

إبراهيم يحيى أبوليلى

لا غرو ان هذا القلم طالما صدح بالحق وكتب الحقيقة …. فمقالات الكاتبة الفاضلة دائما ما يمس هموم المجتمع والبحث عن حلول لكل المشكلات وهذا المقال هو دليل حي على ذلك
.فقد كان من الواجب على افراد هذه الامة والمنتسبين اليها تجنب هذا الداء ولن نزيد اكثر مما قالت الكاتبة الفاضلة …
اسال الله ان يكتب لك الاجر بكل حرف خطه يراعك فنحن في حاجة الى مثل هذه الاقلام الصادقة الناصحة النافعة فكم من قلم مبدع وكاتب صادق في هذا المجتمع..
جزاك الله خيرا استاذتنا الفاضلة نويفعة بارك الله في جهدك لا فض فوك .

محمد صامل الصبحي

ادراك الاستاذة نويفعه الصحفي للمسئولية الملقاة على عاتقها ككاتبة حول كل حرف يخطه قلمها .. جعل منها كاتبة متميزة جداً .. والمتتبع لمقالاتها يدرك أن كل مقال نشرته أخذ حقه الوافي من الدراسة والتدبر من مختلف الجوانب ..
وفي الغالب تعمد الأستاذة الى “المقال التحليلي”
وهو من أكثر أنواع المقالات الصحفية صعوبة بالنسبة للكتابة .. كونه يستهدف التأثير الوجداني على مشاعر القراء .. لذلك فهو دَوماً الأكثر تأثيراً بين المقالات الأخرى ، كما إن الكاتبة لديها القدرة الفائقة على توظيف الأحداث الآنية التي تشغل الشارع المحلي والرأي العام بصفة عامة لبناء المقال الموضوعي بعيداً عن الانفعالات المتشجة ، والأفكار السلبية التي تحول دون تحقيق الهدف المنشود من الموضوع .. والمقال المنشور أعلاه شاهد على ماذكرت .. لا حرمنا الله دَوماً من فكرك البناء وعطاءك المتميز أستاذه نويفعه .. وفالك التوفيق
دمتم سالمين
محمد صامل الصبحي
محرر صحفي سابقاً
صحيفة “المدينة”

مفلح الصاطي

كتبت الأستاذة نويفعة هذا المقال وهي تعيش الانتفاضة الحكومية والشعبية ضد الفساد ، كتبت وهي تحس وبوعي وطني كبير بما قد ينجم عن الفساد من نخر لأسس المجتمع الصالح وتعطيل للتنمية وفوات الفرص على شباب هذا الوطن

إن الفساد وكما قالت أختنا الكريمة له صور متنوعة وأشكال متعددة وأضيف على ما ذكرته أن من ألوان الفساد تغاضي وابتعاد صاحب الفكر والدراية والخبرة والقيادة عن زمام الأمور وجعلها بيد من لا يحسن فتلا ولا نقضا ، وليس بالمنكر أن يتقدم من يرى في نفسه القدرة على الريادة في طلب المنصب فيوسف عليه السلام قال ( اجعلني على خزائن الأرض ) .

يجب على كل مواطن أن يكون مسؤولا يبلغ عن الفساد ويضرب بيد من حديد مع حكومته لنجتث هذا الداء الذي أفقدنا بلايين الريالات وآلاف الفرص

شكرا لك أستاذتنا على كل حرف خطته أناملك ولقد أثبت قلمك أنه خبير بتلمس حاجات مجتمعه بطريقة سلسلة مباشرة بعيدا عن ( السفسطائية ) التي سرعان ما تذهب أدراج الرياح
دمتِ موفقة لكل خير ،،

محمد الرايقي

المربية الفاضلة والأستاذة الكريمة نويفعه الصحفي عندما تكتب لاتشبه غيرها من الكتاب لأنها دوما تبحث عن المفيد والنافع فتطرق بابه من أجل الإفادة والنفع في مجتمعها ومحيطها .
فلها الشكر والتقدير على ماتحمله من هموم مجتمعية تسعى دوما إلى المساهمة في حلول جميع جوانب القصور فيه .

ابراهيم مهنا

شكرا لك أستاذة نويفعة
عندما ينتشر الوعي بقيمة النزاهة فلاشك أن الفساد يتضاءل ويندحر
حتى تصبح النزاهة مبدأ ويتحقق فيه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

أ. نويفعة الصحفي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الأساتذة الكرام
أ. أبو عاصم
أ. عبدالرحيم الصبحي
أ. أحمد بن مهنا
أ. إبرهيم ابوليلى
أ. محمد صامل الصبحي
أ. مفلح الصاطي
أ. محمد الرايقي
أ. إبراهيم بن مهنا
أساتذة الفكر والحرف ، الكلمة والأدب . كلماتكم اوسمة وقد منحت لي أعتز بها كثيرا ..
ومشاركتم في إثراء المقال أسعدتني جدا
بل أنها زادت في نفسي شعور المسؤولية نحو مجتمعي وما انا إلا تلميذتكم ومنكم أستفيد .وأشارككم هم المجتمع .. وهذا الأمر ليس تفضلا منا إنما هو الواجب ..وهكذا يجب أن نكون ..
أكرر لكم الشكر وأتمنى أن أكون عند حسن ظنكم .
تقبلوا تحياتي ..

ايمن

الامانةفي العمل…… هي أستاذة نوفيعة الصحفي
ودمتتم بود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *