الهيئة العليا للرياضة ومدينة الحصن

قرأت كغيري خبر توقيع الهيئة العامة للرياضة اتفاقية مع شركة تي بي إس (TBS) اليابانية لإنشاء مشروع برنامج الحصن، وهو برنامج تلفزيوني رياضي ترفيهي ياباني شهير كان يعرض في التلفزيون السعودي في فترة سابقة، فيه الكثير من المسابقات التي تعتمد على المهارة والتحدي والإصرار ولا تقتصر المشاركة فيه على رياضيين حقيقيين؛ إنما يمكن لأي شخص المشاركة فيه حيث يقدم البرنامج جوائز تشجيعية للفائزين.

الهدف من إنشاء مثل هذا الموقع الرياضي الاستقطابي الكبير يعتبر مكملاً للمنظومة التي بدأتها هيئة الترفيه ويتماشى مع الانفتاح السياحي الذي بدأ أولى خطواته بتصريح أمين عام الهيئة العليا للسياحة عن بدء نظام التأشيرات السياحية ، إذ تعتبر في مجملها خطوات مهمة تنقلنا من بلد يذهب إلى الخارج للسياحة إلى بلد يستقطب السواح القادمين للسياحة العامة بالإضافة إلى الزائرين لأغراض دينية.

لنا في هاتين الخطوتين وقفات على شكل أسئلة بعضها نستطيع الإجابة عليها كمواطنين والأخرى تحتاج إلى المسؤولين في تلك الجهات وما يتبعها للإجابة عليها:

١- هل لدينا القوة البشرية التي تستطيع القيام بالمهام المتعلقة بالسياحة ككل وبهذه المدينة السياحية كمركز سياحي ترفيهي هام.

٢- هل لدينا الاستعداد النقلي ( من شركات خاصة وعامة) الذي يتكفل بخدمة السائحين بكافة شرائحهم.

٣- هل لدينا الطرق المناسبة والخرائط واللوحات الإرشادية والنشرات التعريفية التي تسهل على السائح التنقل بين الأماكن السياحية مع المعرفة بتاريخها وأهميتها للإنسانية.

٤- هل ستتعامل شركات النقل الخاص (تأجير السيارات) مع السائح بنفس الطريقة التي تتعامل بها الآن مع المواطن (رخصة قيادة، بطاقة عمل، كيلومترات محدودة وغيرها من القيود) أم ستتعامل معه مثل بقية دول العالم (بطاقة ائتمانية وكيلومترات مفتوحة وتأمين اختياري).

٥- هل هناك مناطق محددة لا يمكن أن يتجاوزها السائح أم أنه بمجرد دخوله المملكة من أي منفذ يستطيع أن يتنقل بحرية تامة.

٦- ما هي الالتزامات والشروط التي ستفرض على شركات السياحة والنقل من خدمات وأفراد مؤهلين لتقديم تلك الخدمات والتي ستساعد على إظهار الوجه المشرق للمملكة العربية السعودية كما هو وتحسنه في نظر السائح.

للإجابة على السؤال الأول فإن في خريجي الكليات التقنية والمعاهد المهنية الخير والبركة إن تم استقطابهم من الآن وابتعاثهم إلى اليابان للدراسة والاطلاع على المشروع عن كثب ليصبحوا قادرين على تشغيله محليًا من الناحية الفنية (الميكانيكية والإلكترونية) وذلك ببعض الإشراف من الشركة المنفذة عند بدء التشغيل حتى يصلوا إلى مرحلة الإتقان.

وكذلك فإن في خريجي الجامعات المحلية، ومراحل الابتعاث الخارجي والمعاهد الإدارية الخير والبركة لتشغيل المشروع من الناحية الإدارية والمالية والتسويقية إن تم أيضًا استقطابهم وتدريبهم لدى الشركة المنفذة أو ابتعاثهم لفترة بسيطة للتدريب على رأس العمل لدى الشركة في اليابان.

أما الأسئلة الأخرى فننتظر من الهيئة العليا للرياضة، والهيئة العليا للسياحة ووزارة النقل الإجابة عليها لتكون السياحة لدينا منظومة متكاملة تتضافر فيها الجهود لجعل السياحة مصدر دخل آخر مع المصادر الاقتصادية الأخرى.

السياحة ليست فقط أماكن يزورها الشخص، أو منشآت صماء يتنقل داخلها السائح، وإنما هي دراسة علمية تنظر إلى ثقافة السائح وما يبحث عنه وكذلك تنظر إلى ثقافة البلد المضيف وما يود أن يرسخه في ذهن السائح للعودة مرة أخرى أو على الأقل نقل الصورة الحسنة التي رآها لشخص آخر بما يبعث فيه الرغبة لزيارة ذلك المكان .. إنها عملية فكرية ثقافية نفسية تراعى فيها كل العوامل لترغيب السائح في العودة وتشجيع المضيف في استمرار تقديم الأداء الراقي وتطويره.

“وقفة”:
حسب إحصائيات شهر نوفمبر 2017 م، فإن مدينة ألعاب ديزني في أورلاندو بولاية فلوريدا الأمريكية تستقطب ما يزيد على 71 مليون سائح سنويًا في جميع أجزاءها من داخل أمريكا ومن جميع أنحاء العالم، ويوضع على معصم السائح سواراً بلاستيكياً به شريحة إلكترونية لتتبع السائح إلكترونيًا خلال تجواله داخل مدينة ديزني ، ثم في نهاية اليوم تحلل المعلومات لمعرفة الأماكن التي زارها والوقت الذي قضاه في كل موقع وبناء على ذلك يتم زيادة عدد الأماكن الترفيهية داخل المدينة أو إنقاصها أو إلغاءها إن لم يكن لها جدوى اقتصادية.

وفي مدينة ديزني أيضًا أجريت دراسة ميدانية فوجدوا أن الشخص لا يتحمل إمساك كوب العصير أو ورق الساندويتش بعد فراغه أكثر من خمس وعشرون خطوة ولهذا يوجد سلة نفايات كل خمس وعشرون خطوة في كل اتجاه، إنها أمور بسيطة جدًا ولكن لها أهميتها القصوى في نظر السائح وفي صناعة السياحة.

هل سنراعي كل هذه النواحي الخدمية والثقافية والنفسية لتطوير السياحة ؟ وهل سيتم وضع إسورة على يد السائح الذي يدخل المملكة أو هل سيتم متابعته بطريقة أو بأخرى لمعرفة الأماكن التي زارها ؟ وأيها أكثر استقطاباً لزيادتها أو أيها أقل استقطابا لتطويرها أو إلغائها إن لم يكن لها فائدة اقتصادية.

نسأل الله التوفيق للجميع بما فيه الخير للبلاد والعباد وتنشئة جيل واعي منفتح على العالم برقي وفكر منير.

عبدالعزيز بن مبروك الصحفي
ملبورن – فلوريدا – الولايات المتحدة الامريكية

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *