متلازمة الدب القطبي

هو مرض نفسي عقدي يكمن في دواخل بعض الرجال في هذه الأيام يجعله يرى من الزوجة مجرد آلة لإشباغ إحساسه بالأمان الداخلي، وأن لا هناك ما يهدد رجولته، وأنها مجرد آلة لإشباع رغباته كاملة، دون أن يأخذ في عين الاعتبار مستواها الفكري وآرائها بل كيانها بشكل كامل، فهذا المرض يجعله يلغي كل ذلك ويرى أن هذا الوضع هو الوضع الصحيح للحياة الزوجية، وليس هناك خطر يهدد أمنه النفسي والداخلي والرجولي، يكون بحالة تشبه تماما حال الدب القطب في حياته الزوجية.

وهذا المرض ينزع من الزوج عقله وضوابط نفسه وإنسانيته، ومن حياته الزوجية ينتزع أهم ركائزها وهي ركيزة التعاون وتلبية احتياجات الآخر أو شريك العمر وهي الزوجة، ويجعله في نزاع داخلي بين ما يراه حقًا لزوجته وما يراه حقا له، وتختلط بعقله الصحاح من الأمور بأغلاطها، وهذا المرض له عارض جانبي خطير؛ هو أن المصاب به يرى أنه إذا كان  أمنه الرجولي المزعوم بخير فالوضع القائم أو الراهن بينه وبين زوجته هو وضع في تمام الصحة.

ولا ألوم المصاب به أبدًا، وأنا هنا اليوم لأعالجه بكلمات سقام لمن أرادها سقمًا، ولطيفات لمن أرادها لطفًا، فأنا أكتب وعين القارئ تقرأ وعقله يترجم ما تقرأ عينه، ولكل عقل أفكاره ولكل عقل يقرأ مقالتي هذه كامل احترامي سواء اختلف معي أو وافقني الرأي.

عزيزي المصاب بمرض (متلازمة الدب القطبي) لكي تتعافى من هذا المرض اعترف بخطأك، وانظر إلى شريكة حياتك بمنظار آخر، فما الذي تظن أنك ستفقد إذا نظرت إلى زوجتك على أنها كيان له حقوقه وآراؤه واحترامه وشخصيته، وأنها ليست مجرد آلة؟ هل ستفقد رجولتك المزعومة؟ أم أنك تغطي نقصًا بدواخلك ببقائك على هذه الحال مع زوجتك؟ حدد إجابة لكل الأسئلة السابقة ومهما كانت إجاباتك عليها فلها مني بإذن الله تعالى الرد المنطقي، ولك حق الرد أيضًا، هذا إذا كنت تملك الشجاعة في الرد.

والسؤال الأول هذا جوابي عليه أسطره وانتظر جوابك، لن تفقد شيئًا سوى سعادتك والمعنى الحقيقي للحياة الزوحية، وستبدأ بظلم وتمضي في ظلم وتعيش على ظلم، وما جنى الظلم على أهله إلا الحسرات، ستعجل من حياتك الزوجية سجال ليس له نهاية وتصبح كالمحارب في وسط المعركة لا يدري متى تنتهي؟ ولا يدري هل سيبقى أم سيموت؟ وخاصة محارب مثلك درعه خفيف، درعه من فكرة ليس لها وجود مادي ولكن لها أثر معنوي ملموس على حياتك الزوجية بأكلمها، ستفقد سعادتك.. ستفقد احتياجك الفكري والنفسي والعاطفي قبل أن تفقد كل ذلك هي، احتياجات بشرية هي أساس العلاقات الإنسانية عامة والزوجية خاصة، فلا تحارب نفسك بمحاربة زوجتك، فهي نفسك هي لحمك وعظامك، هي غطاؤك ووسادتك، هي نصفك هي كلك.

وأما عن السؤال الثاني مهما كانت إجابتك فأقول لك دع عنك غلاف الرجولة المزيفة واعلم أن الزوجة كيان له احترامه وله حقوقه، والمرأة عقل قبل جسد، المرأة حضارة، والمرأة أمة لوحدها، وهذا الغلاف الرجولي المزيف الذي يجعلك تتحامل على نفسك وعلى زوجتك ولا ترى لها أي وجود سيقضي عليك أنت أولا مهما طال بك أمد السعادة الرجولية الزائفة، وستجد نفسك في نقطة اللاعودة؛ فإن قررت تغيير أسلوبك معها سيبقى ستار الرجولة المزيف مسدل على عينيك فلا يجعلك تفكر بخطأ أو صواب ما تفعل، فاستفق واعلم أنه مرض قوي الأعراض، زائف السعادة، متذبذب النتائج، عكسي ردة الفعل في بعض الأحيان.

واعلم أنها هي من صنعت لك قدرًا قبل أن تحط من قدرها أنت، فقبولها أن تكون زوجًا لها هو غاية التقدير وأولها فما فرغت الأرض من الأزواج ولست آخر الرجال، ولست أفضل الرجال، فعلى ماذا؟ هذه النظرة الدونية شديدة الخوف المعتمدة على بعض الأمثال الشعبية أو الأفكار القديمة عن الحياة الزوجية والتي منبعها بعض الأمهات أو الآباء غفر الله لهم، اعترف بخطئك وعدله وسترى نتائج تعافيك من هذا المرض تبهرك، وتجعل حياتك الزوجية أكثر سعادة وحبًا.

والسؤال الثالث إذا كان لك نقص داخلي تريد أن تشبعه بحالك السيء في التعامل مع زوجتك فلن تشبعه مهما فعلت، وسيفضحك ولن تشبعه من فضحك مهما فعلت، وعن الذنب يسأل المذنب، فكيف الذي لا ذنب له، فما ذنب زوجتك؟ تعاملها هكذا ولا تراها إلا هكذا آلة صامتة آلة مصنوعة خصيصًا لراحتك، وليست بشرًا مثلك وندًا لك وشريك، ابحث عن نقصك وعالجه قبل أن تزيد نواقص نفسك، وهي في الأصل لا تنتهي، ولكن عالج منها ما يمكن أن يعالج، على الأقل هذا النقص الذي يجعلك تظلم زوجتك، ثم إنك إذا عالجته قضيت على هذا المرض بالكلية.

مرض (متلازمة الدب القطبي) مرض منتشر بين بعض الرجال المتزوجين بكثرة، وهو مرض لا يعلم المصاب به أنه مصاب به، ولكي يعلم كل مصاب به أنه مصاب به، أرجو من كل من يقرأ مقالتي هذه أن ينشرها ويرسلها لكل أصدقائه فلعل المصاب به يجد بمقالتي هذه ما يساعده على العلاج بإذن الله تعالى منه.

وبقي أن أقول أن هذا المرض ليس مصنفًا علميًا ولا له وجود على طاولات الأبحاث العلمية بهذا المسمى، فلربما له مسمى آخر أنا لا اعلمه، ولكن هذا المسمى هو فكرة خرجت بها من حواري مع صديقي الدكتور رياض الأحمدي.

إبراهيم سيدي ‫⁦‪@abr14ab‬⁩ ‬

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “متلازمة الدب القطبي

غير معروف

وكذالك جلد الذات يعتبر من الامراض النفسيه

غير معروف

شكرا أخي الكريم على هذه المعلومة القيمة وشكرا لك على قرائتك مقالتي وتعليقك عليهة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *