الهواء العاتي

نمت شجيرةُ التوتِ تحت أعينِ الزُّراعِ فأولوها عنايتِهم كعادتِهم فترعرعت وهي تحلمُ بأن يكونَ لها كمثيلاتِها ممن حولها أغصانٌ وارفةٌ وأوراقٌ ظليلةٌ وثمارٌ يانعة .. فأخذَتْ تكبُرُ وحلمُها يكبُرُ معها ويزدادُ يوماً بعدَ يوم .

ولما كبُرت وحانَ قِطافُها عانقَها الهواءُ العليلُ وأخذ يتخللُ بينَ أوراقِها ويسكنُ أطرافَها ويداعِبُ أوراقُها ، ففرح الزُراعُ بذلك أيما فرح .

وأخذَتْ تُثمِرُ وتُثمِرُ بأطيبِ العناقيدِ التي تَزينَتْ بفاكِهةِ التوتِ العذب .

ويا أسفا انقلبَ الحالُ فأصبحَ الهواءُ هائجاً متغيراً ، يصارعُ ضعفَ الأغصانِ بقوتِه ويُشتِتُ الثِمارَ بجبروتِه ، حتى تطايرَ كلُّ شيءٍ فيها وتفرّقَت أوراقُها وتساقطَت ثمارُها .

وكلُ هذا في هولِ الزُراعِ وحيرتِهم وضعفِ الشجرةِ وحُرقَتِها ..

رأىَ الشاعرُ الشجرةَ وهي بهذه الحال فقال :

هب الهوى العاتي على شجرة التوت
وارتجت الأجواء بصوت أرجفتها

ولأجل الهوى ظالم وكُلّه جباروت
شتت غضي أوراقها وأثمرتها

 

دخيل عطاالله الغانمي

2 تعليق على “الهواء العاتي

ابو هتان

راقي متألِّق ذوق

محمد الحربي

أبدعت ثم أبدعت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *