البيروقراطية الإدارية بقراطيس جديدة

عندما تطور الفكر الإداري خلال القرن الماضي و تعددت المدارس مابين المدرسة العلمية بدأ بالكلاسيكية إلى أن وصل بها إلى منعطف مميز إبان الحرب العالمية الثانية وصولا الى البيروقراطية على يد العالم الألماني ماكس فيبر أوخر القرن التاسع عشر وسلكت أسلوبا إداريا جديدا انتهج فيها إستراتيجيات غيرت من المسار الإداري وجعلته على أعتاب المهنه  بدلا من أن يصبح مجرد وظيفة..
كلنا يعلم مالهذه المدرسة من خصائص ومميزات جعلت منها اسلوبا ينتهج الى يومنا هذا في كثير من القطاعات الحكومية على وجه التحديد.. ولكن كأي فكر إداري فقد واجه كثيرا من الإنتقادات حيال التطبيق العملي اودى به يوما ما الى مصير حتمي وجعل منه اسلوب ممل وشرا لابد منه .
وتحول من نظرية تنظيمة للعمل الإداري إلى إسلوب ضبط إيقاع العمل بصورة روتينية تسعى إلى التقيد الحرفي بالقوانين عبر لوائح مكتوبة تفتقد للمرونه،مما أدى إلى جمود الأفكار الإبداعية فاصبحت مقيدة نتيجة وجود المستويات الإدارية المتعددة واعتماد المركزية في الادارة ، تعددت الانتقادات ولكنني سأتحدث عن أكبر معضلة واجهتها وهي..
(أصبحت الوسائل المستخدمة لتنفيذ الأعمال الإدارية مجرد غايات )
حيث أصبح الإداريون يستخدمون القواعد والقوانين  وينفذونها بحذافيرها لمجرد ملء الجانب الوظيفي وتطبيقا للقانون لا أكثر فيما فقد النظام  للمرونه رغبة في التوثيق والخوف من المساءلة أدلى به في هاوية الفشل… 
ايضا كان للروتين والتعقيدات المكتبية النصيب الأكبر في فشل النظام البيروقراطي يوما ما ..
فبالرغم من التطورات التي ادت الى الارتقاء بأليه العمل الاداري متنقلة بين  المدرسة العلمية إلى السلوكية الى الإدارة المعاصرة والحديثة بعناصرها المتميزة من تخطيط وتنظيم وتنسيق ورقابة ..
ولكننا نرى الآن بارقة تلوح في الافق تنبىء عن ولادة جديدة لنظام بيروقراطي جديد بقراطيس مختلفة ،
(منظومة مؤشرات الأداء )   التي نتنبأ بانها ستواجه  نفس المصير أن ما تجاوت المعوقات وحطمت كل المعايير التي قد تؤدي إلى فشلها كما أودت باختها في هاويه مشابهه.. …
 
 ليلى عبد المحسن الشيخ 
 
 
مقالات سابقة للكاتب

8 تعليق على “البيروقراطية الإدارية بقراطيس جديدة

ابوياسر

ماشاء الله قراءة ممتازة تنم عن دراسة جيدة للموضوع ومعرفة لابعادة بالتوفيق

مريم الحربي

ﻻ جف لك قلم ياليلى
كالعادة مبدعة ومتألقة غبتي كثيرا تم اتيت بالمقال العاصف . الذي سيبعثر كثير من افكار المتابعين والقراء والاداريين العاملين في حقل الادارة بصفة عامة والتربية والتعليم بصفة خاصة.
اشكرك وننتظر جديدك

مديرة مدرسة

مقال يحاكي الواقع فعلا مؤشرات الأداء الاشرافية أن ماوطبقت بمرونه ونظرة ثاقبة ستواجة نفس مصير الفشل لسابقتها
واظن أن المشكلة ليست في طرق وأساليب الإدارة أو الرقابة على وجة الخصوص ولكن العبرة في الأشخاص المطبقين لهذة المعايير الرقابية فكلنا نتمنى أن تحقق تللك المؤشرات الهدف من وجودها وتكون عنصر منظم بدلا من أن تكون مجرد ملء وظيفي وخطوات مكتبية لا أكثر،شكرا لك ليلى على هذة الإلتفاته إلى موضوع يهمنا جميع في الحقل التعلمي على وجة الخصوص.
غبتي كثيرا ننتظر ابداعاتك..

سعد الصحفي

مقال رائع . استاذة ليلى وﻻمس الحقيقة
كنا ومازلنا ونحن نعاني من هذه البيروقراطية المميته التي قتلت كثير من الابدعات وشغلتنا بين دفتيها
والآن تعود بلباس جديد وهيكلة مختلفة لكنها تستر تحتها نفس ذاك الجسد.
كل ماذكرتي صحيح . لم يعد يهمنا الجوهر بل اصبحنا يجري كل الفريق نحو توثيق المظهر . وشغلنا عن الهدف والغاية بالمؤشر والشاهد. وسعينا خلف مزيد من الوهم وتركنا المنتج
اذا اردت ان تتقدم الى جائزة فليس عليك سوى جمع كم هائل من الشواهد. وليس شرطا تكون حقائق بل الف واصنع لكل محور وكل هدف شاهد وصور وقص ورص واحسن التزييف والترتييب والتنظيم و لن تتمكن من ذلك الا بتكوين جيش من الكوادر . حيث سينشغلوا معك عن مهامهم الاساسية . لتلبية متطلبات المؤشرات والشواهد
وبكذا تكون انت الفائز والمنتج خاسر
بارك الله في قلمك استاذة ليلى
فكر وقلم ناضج

أبو ريم

تشخيص عميق لأحد أهم أسباب الفشل الإداري
عندما تنسى المنظمة أهدافها الاستراتيجية الحقيقة ويصبح الهدف هو تطبيق وسيلة ما بغض النظر عن مدى نجاح هذه الوسيلة في تحقيق الأهداف الإستراتيجية الحقيقية. ويصبح الإنجاز هو اكمال تطبيق الوسيلة كما صيغت أول مرة بغض النظر عن مناسبتها للسياق وحاجتها للتعديل.

ثم إذا تغيرت القيادة اخترعوا وسائل جديدة وصارت هي أهدافهم!!!

مقال راااااائع بفكر عالِ

أم خالد الصحفي

مقال رائع لامس الواقع سلمت يداك
وبارك الله فيك

ضوء النهار

لقد قرأت المقال لاكثر من مرة ، لكني حقيقة لم أستوعبه بما فيه الكفاية ، لا أدري لم!!
هل لقصور في فهمي ، أم لقصور في ترابط فقرات المقال!!
لكن لو لم يكن لدي فهم بسيط سابق بالمعنى العام للمقال ،لم استطعت التعليق عليه
ففي جملة ما يدل عليه المقال ، كلامك صحيح وواقع ، و من قام بالرد أوجز وأفاد بأسلوب واضح من واقع الحال
و باختصار (عندما يغيب الهدف ، وتهمل الرسالة التي من أجلها خلقنا ، تتغير المفاهيم ، وتفقد المصداقية ، وينعدم التطبيق ، ويصبح الأمر حبرا على ورق)
شكرا لإثارتك لهذا الموضوع

ايجابي

عفوا اختنا الكريمة
كلما كانت لغة المقال سهلة بعيدا عن المصطلحات التي قد لايفهمها الا القلة كان المقال أقرب لفهم الفكرة . ومع احترامي لأصحاب الردود الا إن مصطلحات الكلاسيكية .. البيروقراطية .. الاستراتيجيات أعتقد أنهم مرروها هكذا دون دراية محاولة لفهم فكرة الكاتبة . ولعل الأخت ضوء النهار أشارت لشي مما ذكرت .
ليتك تعودين لآسلوبك السابق السهل الممتنع . دمت موفقة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *