اهزم هزيمتك

أنا لم أسقط! لأنني لم أقف على قدمي بل حملت من فراشي غائبة عن الوعي، ومن لطف الله وعنايته أنني لم أدرك شيًا حينها، ولكن عندما استعدت جزءًا من عقلي، لم أنفك من السؤال: ماذا حدث لي؟ كيف أصبحت في المستشفى؟

الكل من حولي كان يهدأ من قلقي، وماهي إلا ساعات معدودة حتى انكشف الخافي المستور، لقد هزمت شر هزيمة.

وبعد مرور أربع أعوام عاد المرض ليأثر من انتصاري عليه، لا بأس تعادلنا (1-1) لكن نتيجة نوبة الصرع بالنسبة لي أعتبرها بلا قيمة، مقابل ما أحرزته من نقاط رفعت مستوى الإنجاز لدي عام 2017 وشحذت همتي مطلع عام 2018 “ولله الحمد والمنة”.

حقيقة مهما أوتي الإنسان من طاقة، تأتي عليه لحظة فتور تتمكن من زلزلة نشاطه، ولكن بيده أن يرسي قواعد الثقة بنفسه، ويبدأ من الصفر.

وحتى يصبح رقم حيوي مفعم بالقوة، عليه أن يتعرف على ذات الهزيمة التي حولت عمله هباءً منثورا، ويجمع شتات جهده ومن ثم يتخذ أول خطوة تمكنه من مواجهة سوء مآل حلمه، والتي تطلب منه أن يرفع رأسه بشموخ ويتقبل كل خطأ أرتكبه ويعترف به، وقد يسمع حينها صوت ارتطام نفسه بالفشل وانكسار الطموح لديه، ولكنه يبقى المؤمن القوي يستغفر ربه ليجبر كسر همته.

عندها سينهض ولكن يبقى خوفه كالظل ملازمًا خطواته، لأنه لم يتخلص من الماضي الذي يوحي إليه برصيد عثراته وأنه لا جدوى من المحاولة للوصل إلى غايته.

وحتى يخرس وسوسة الخسارة، عليه أن يتخذ من عزيمته عصا يتوكأ عليها في طريق مستقبله، بحيث يستحضر أثمن نجاح حققه، ليكون بمثابة الدافع له نحو الأمام.

وطبيعي جداً أن ينحرف في مسار حياته، قد يسلك طريق مغلق ويدير ظهره له، قاصداً الرجوع إلى نقطة البداية وبهذا يصقل مهاراته ويتعلم من أخطائه، ويدرك معنى الإصرار على بلوغ هدفه.

ومهما كلفه الأمر فهو يمنح ذاته فرصة ثانية وثالثة وإلى مالا نهاية من المحاولات الجادة للتعرف على مكامن الخلل لديه، والعمل على سدها بالعلم الذي ينير بصيرته.

أحياناً روح المغامرة تذكي في نفسه الإقدام على تنفيذ فكرة دون سابق تخطيط لها، والناتج يكون إما ضربة حظ أو ضربة جزاء لم يوفق فيها، لكن يكفيه شرف المحاولة رغم أنه أضاع الهدف، ولكنه في المقابل تعلم تقنيات تحقيق ما يريد الوصول إليه.

مرمى الحياة يتسع لعدد لا محدود من الأهداف، وكل ما يحتاجه الفرد هو تحديث للقدرات وفق معطيات الزمن، ومن ثم التروي قبل الاندفاع نحو الهدف، فالتخطيط يزيد من فرصة الفوز، وأيضًا استثمار رصيد الخبرات السابقة يجعل كل خطوة تأتي مكافحة للعثرات، ولابد أن تكون في حوزة محارب الهزيمة خطة بديلة، تحميه من الشتات وتسدد رميه في شباك النصر.

تغريد الصعيدي

مقالات سابقة للكاتب

3 تعليق على “اهزم هزيمتك

أحمد بن مهنا

حقق الله لك ما تتمنين .
وجعل لك من التوفيق والعون جناحي وصول ،
وهكذا الحياة جمال نهارها يظهره ليلها ويلذ حلو مذاقها بطعم مرارها.
ماتع هذا المقال وكتبته كاتبته بأسلوب جعل أنفاس قارئه تزيده نبضا .

ابراهيم مهنا

ماشاء الله
ابدعت وطرحت قواعد للنجاح وصنعت من الهزيمة انتصار
ماأحسن ماكتبتي فقد أعجبني ( وكل مايحتاجه الفرد هو تحديث للقدرات وفق معطيات الزمن ) إنها سر تكرار المحاولات لنحصل على نتائج مختلفة
شكرا لك شكرا

وضاح

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كاتبه مبدعه ومتألقه نسأل الله لها التوفيق وان يجزيها خير الجزاء على هذا الموضع الذي يعلمنا بأن نصنع من الهزيمه انتصار ولتسمح الاستاذه بهذا التعليق الذي يحتمل ما اكتبه الخطاء اكثر من الصواب
حينما قرأت المقاله تذكرت احداث فيلم darkest hour الذي تناول احداث اكثر دراميه في حياة رئيس الوزارء البريطاني السابق ونستون تشرشل خلال الحرب العالميه الثانيه ليعزز مقولة ان الهزيمه ليست قدرا بل خيارا واسلوب حياة فالهزيمه هي العيش في دائره مغلقه من الاخطاء المتكرره وان نخسر مرات ومرات بنفس الطريقه والاسلوب وان لا نتعلم من اخطائنا وتجاربنا السابقه اما المرض لا يعد هزيمة لنا او انكسار انما ابتلاء من الله واختبار لنا لان الصبر والاحتساب على المرض باب للجنة وتكفير للذنوب وزيادة في الحسنات ورد للعبد لربه وايقاظه من غفلته
كاتبتنا الفاضله مرة اخرى جزاك الله عنا خير الجزاء واصبغ الله على الجميع الصحه والعافيه والسعاده في الدارين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *