من يوقف الأسعار الخيالية لحملات الحج؟

الحج فريضة وركن أساسي من أركان الإسلام، ومن الواجب على المسلم تأديتها في حال استطاع ذلك، ولهذه الفريضة معاني وقيم رائعة، فمن خلالها يقوم المسلم بزيارة بيت الله الحرام، والطواف بين الصفا المروة، ويؤدي كل المناسك التي تقربه من الله عز وجل.

لكن أداء هذه الفريضة الرائعة أصبح بمثابة الحلم بالنسبة للمسلمين أصحاب الدخل المحدود، فأسعار حملات الحج داخل المملكة العربية السعودية ترتفع وتتضاعف عاما بعد عام، على الرغم من الوعود الكثيرة التي يطلقها وزير الحج كل عام عن ضبط الأسعار، والتي تبقى في الحقيقة حبرا على ورق، ولا يطبق منها شيء على أرض الواقع.

ويعاني المواطن السعودي كثيرًا من جشع مكاتب حملات الحج، فالطمع أصاب أصحاب هذه المكاتب، فأصبحوا يبقون مكاتبهم مفتوحة دون أن يقوموا بتسجيل طلبات الحجاج، على الرغم من الأعداد الكبيرة من الناس التي ترتاد هذه المكاتب لكي تسجل فيها، غير مهتمين بمشاعر الناس ووقتهم، ودون أن يكلفوا أنفسهم بالرد على الناس.

بالإضافة إلى ذلك تقوم مكاتب حملات الحج بفرض تسعيرة باهظة الثمن على الحجاج، وتتحج دائما بارتفاع قيمة المواقع في منى وعرفات، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكل هذه الأعذار غير مقبولة عندما نعلم أن كلفة الحاج السعودي أصبح توازي تقريبا كلفة الحاج القادم من خارج المملكة العربيةالسعودية.

كل هذه الأمور دفعت العديد من المسلمين إلى تأجيل أداء الفريضة إلى الموسم الآخر، فيخرجون من المكاتب وفي قلبهم غصة كبيرة لعدم قدرتهم على الحج، ويدعون لله سبحانه وتعالى أن يبقيهم أحياءً للعام القادم لعلهم يستطيعون الحج، ولعل أسعار مكاتب الحج تراعي دخل المواطن فتخفض من أسعارها الخيالية.

لكن وفي غمرة هذا الظلام الداكن ظهرت بقعة من الضوء أعطت الأمل للمسلمين أصحاب الدخل المحدود بإمكانية قضاء فريضة الحج، وهذه البقعة كانت حملات الحج المجانية، حيث انتشرت هذه الحملات بكثرة، وأصبح لكل حملة منها عدد من المندوبين المنتشرين في أنحاء المملكة العربيةالسعودية، ويقوم المندوبون بتقييم طلبات الناس لاختيار الحجاج المقبولين، وتمثل هذه الحملات الأمل الأخير للمسلم الفقير، والذي يرغب بأداء فريضة الحج، لكن أحواله المادية لا تسعفه، حيث يتكفل أصحاب هذه الحملات بكافة تكاليف الحج، ويقدمون للحاج كل وسائل الراحة الممكنة، ويعطون الأولية في اختياراتهم للفقراء وكبار السن، وللأشخاص الذين لم يسبق لهم الحج.

وهكذا نرى أن الحملات المجانية شكلت حلا مؤقتا لمواجهة ارتفاع تكاليف الحج داخل المملكة العربيةالسعودية، لكن هذه الحملات لا تكفي، حيث يجب أن يتدخل وزير الحج بشكل شخصي، ويقوم بوضع أسعار تتلاءم مع دخل المواطن السعودي، كما عليه أن يقوم بمراقبة مكاتب الحج، وإلزامها بالأسعارالتي يحددها مكتب الحج.

وفي الختام تبقى ظاهرة ارتفاع تكاليف الحج داخل المملكة العربية السعودية مسألة تؤرق بال المواطن السعودي الراغب في أداء فريضة تقربه من الله سبحانه وتعالى، لذلك يجب أن تأخذ وزارة الحج خطوات فعالة للحد من سلطة مكاتب الحج، ولإعادة أسعار حملات الحج إلى الأسعار التي تلائم دخل المواطن السعودي.

غادة العيدي

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *