تسطيح

كنا مولعين جداً بكرة القدم ونحن صغار سن ، وندور حيث تدور، نهدم أسوار الشقاء وضيق الحال بكرة نرى فيها كل أنواع الترفيه، وبدونها نشعر بمزيد من التيه ،كان تأثرنا كبيراً حين يأتي دهمان ويسطح كرتنا (قذف الكرة بعيداً فوق سطوح المنازل) دون هدف سوى لفت الأنظار لهذا المشاغب صاحب مبدأ “لعبوني والا أخرب عليكم”، وهو لا يجيد غير ذلك لكنه كان كبير الجسم خفيف العقل ذو سلطة وتسلط قاهر لا نستطيع قهره إلا بالموافقة القهرية له حفاظاً على كرتنا من التسطيح والاغتيال!

هذا المشهد الرياضي البسيط يخفي خلفه سواعد تعلمت وجاهدت حتى ارتقت بنفسها وبمحيطها إلى درجات المجد العلمي والعملي، عدا صاحبنا المسطح دهمان فأصبح مسطحاً في عالم النسيان.

و كـ سنة إلهية دارت كرة الزمن لننسى كرة القدم وصاحبنا المشاغب إياه، وبالتالي ظهر مع وسائل التواصل تسطيح جديد لكنه أشد فتكاً من مجرد تسطيح كرة تتقاذفها الأقدام ، هنا تسطيح للعقول وتغييبها تماماً وذلك عن طريق صناع التفاهة بوسائل الاتصال ، فأصبح أصحاب المحتويات الرديئة والمواد التافهة هم سادة المشهد ومقدمو الترفيه غير البريء، فتهافتت عليهم القنوات الفضائحية تهافت الفراش على النار، استضافة وضيافة وتقدمهم كـ قدوات للشباب والنشء صغار السن دون وازع أخلاقي أو ديني، فالأكثر متابعة هو الأكثر تفاهة.

مع الأسف جل ما يستهدف هم شباب بلاد الحرمين (السعودية) ، فتجد هذا الإغراق في التغييب والتسطيح ما يجعلنا نتوقف ونتساءل: لمصلحة من هذا؟ ولا أظن أن الإجابة تخفى على القارئ الفطن أمثالكم .. طاب فالكم .

 

محمد سعيد الصحفي

مقالات سابقة للكاتب

6 تعليق على “تسطيح

ابومجد

كلام جدا جميل ياابا عمر الله يزيدك من العلم ويفتح عليك

ابو ملاك

غابت أمية القلم لكن أمية العقل حضرت وجد الجهل رغم أن المدارس والجامعات انتشرت
الأخلاق ضعفت اليوم في أوساط المسلمين بل العالم يحتضر أخلاقيا بغياب كثير من القيم كالصدق والأمانه والوازع الديني..ضعفت وتشوهت بانتشار التوافه والغثاء
سلمت اناملك ابا عمر

عبدالعزيز الغامدي

أساس العلة جت مع كرة دهمان يا ابو عمر .

Obid

بورك اليراع ونبض الفكر الراقي اوجزت وابلغت. .

ابراهيم يحيى ابوليلى

احد الكتاب الغيورين قبل عشرات السنين كتب كتابا قيما اسماه حصوننا مهددة من داخلها وهذا الكاتب هو محمد محمد حسين رحمه الله تعالى فقد وفقه الله وانار بصيرته لهذا الامر فهناك معاول هدم من الداخل والخارج ولم تكن في تلك الايام قنوات بهذه الشراسة الا ان للأعداء في كل وقت اسلوب ومعول هدم يليق بالوقت والمرحلة ونحن في زمننا هذا قد رأينا من التهديد لحصوننا وهم شباب الامة وكل ذي عقل مبصر الحقائق يرى ويعلم مدى الشراسة التي يتم بها الهجوم على الشباب لسلخه عن دينه وامته ومجتمعه ليكون مسخا مطواعا يقاد كالسائمة لتحقيق رغبات خفافيش الظلام الذين ينشطون في الكهوف والمغارات والسراديب المشبوهة نعم لجعل الشباب صيدا سهلا لقادم الاجيال نسأل الله ان ينير البصائر …تحياتي لقلمك المبدع اخي الاستاذ ابا عمر وحقا نحن بحاجة لمثل هذه الاطروحات والمقالات لزيادة الوعي لما يدور بل لما يراد بنا فشكرا بحجم الكون للكاتب والشكر موصول لصحيفة غران الرائدة في شتى المجالات غبوركت وبورك القائمون عليها وللجميع اقول جزاكم الله خير الجزاء.

وضاح

التلاعب بالعقول صناعه يجيدها ويتقنها الشياطين هدفها تضليل الشعوب والتسلط على العقول من خلال الاعلام المضلل ووسائل التواصل الاجتماعي
وتقول الدعايه النازيه الجباره اعطني اعلام بلا ضمير اعطيك شعب بلا وعي شعارهم اكذب حتى يصدقك الناس
هدفهم هدم الاوطان بايدي شعوبها ومن شعارتهم ان القائد الناجح هو الذي يسيطر على عقول اعدائه قبل اجسادهم العقل والمال لا قوة النيران انها اسلحه حروب الجيل الرابع
ابليس حينما يريد ان يغوي احدا ياتيه في صورة الرجل الصالح لانه يعلم بانه لو اتاه في صورته الحقيقيه لا يستطيع ان يغويه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *